الإنتخابات البلدية على إيقاع التوترات الإسرائيلية؟ _ صلاح سلام


صلاح سلام

بدأت الإنتخابات البلدية تشهد سخونة متزايدة في أكثر من منطقة، على إيقاع المنافسات العائلية، وإمتداداتها الحزبية، حيث إختلطت النقاشات داخل العائلة الواحدة، مع الحسابات السياسية والطموحات الشخصية، لتنسج تحالفات محلية وعائلية وحزبية، تُمهد لرسم المشهد الإنتخابي النيابي في أيار العام المقبل.
ظاهرة التحالفات المختلطة بين الخصوم في السياسة، ومتعاونين في البلدية، تؤكد أن الإنتخابات المحلية تبقى بمثابة الإختبار الواقعي على الأرض لقوة كل طرف حزبي، أو شخصية سياسية، في تجيير الأصوات للحلفاء في اللائحة البلدية أو حتى النيابية.
وبقدر ما تُعتبر الإنتخابات البلدية شأناً محلياً على مستوى البلدات والقرى الصغيرة والمتوسطة، فهي أيضاً مقياسٌ للنفوذ الحزبي، والزعامة الشخصية في المدن والقرى الكبرى، كما تُعتبر نموذجاً مصغراً للإنتخابات النيابية.
ولكن يبقى العمل البلدي بمثابة الخطوة الأولى على طريق اللامركزية الإدارية، التي نص عليها إتفاق الطائف، ولم يتم تنفيذها رغم مرور ثلاثة عقود ونيّف على دستور الطائف، بسبب التعطيل المتعمَّد من قبل الوصاية السورية من جهة، ونتيجة الخلافات التقليدية بين الأطراف السياسية والحزبية والتي جعلت من اللامركزية الإدارية مادة دسمة في البازار السياسي، عوض أن تتحول إلى سبيل ناشط في تحقيق التنمية المستدامة، خاصة في مناطق الأطراف المحرومة من أبسط الحاجات الضرورية للحياة المدنية، والتي تفتقد أساساً إلى الوجود الفاعل للدولة وإداراتها الخدماتية.
وتحتل الإنتخابات البلدية في بيروت مكان الصدارة في الإستحقاق البلدي، نظراً لحدة التنافسات التقليدية بين القوى السياسية والحزبية عادة، والتي حل مكانها اليوم التحالف بين الأحزاب السياسية، مثل القوات والتيار الوطني والكتائب والأحرار والطاشناق، بمواجهة الشِلل التغييرية ومن يدعمها مادياً، من الداخل والخارج، التي تكتفي برفع شعار التغيير، وهي عاجزة عن جمع صفوفها، وتوحيد كلمات نوابها في الإستحقاقات المهمة.
وبوادر نجاح المساعي الهادفة إلى التوصل للائحة إئتلافية موسعة، تضم كبرى الأحزاب والحركات السياسية، إسلامية ومسيحية، من شأنها أن تقطع الطريق على دعاة التطرف، وعلى المصطادين في المياه الطائفية العكرة. وتحافظ على قاعدة التوازن عبر المناصفة بين أعضاء المجلس البلدي، بين المسلمين والمسيحيين، وتصون وحدة العاصمة من أي شطط من هنا أو هناك.
ومن يكون رئيس اللائحة الإئتلافية الكبيرة، سيكون هو رئيس المجلس البلدي الجديد.
الإنتخابات البلدية على الأبواب، وقاب قوسين من أيام الحسم، فهل تمرّ بهدوء وسلاسة، بعيداً عن أجواء التوتر التي تثيرها الإعتداءات الإسرائيلية؟

صحيفة اللواء
الإنتخابات البلدية على إيقاع التوترات الإسرائيلية؟ _ صلاح سلام