صلاح سلام
ليس مستغرباً أن تطل الفتنة برأسها في منطقة جرمانا ومحيطها، بعدما أعلن العدو الإسرائيلي، وعلى لسان رئيس حكومته نتنياهو، عزمه على التدخل في الشؤون السورية، من خلال النافذة الدرزية، وإطلاق التصريحات البهلوانية وإستغلال الوضع الإنتقالي في سوريا، لفرض السيطرة الإسرائيلية على مناطق واسعة من الأراضي السورية المجاورة لهضبة الجولان المحتلة، ذات الأكثرية من السكان الموحدين الدروز.
النوايا الإسرائيلية الخبيثة للتدخل في الشأن الدرزي في سوريا، ظهرت باكراً، وغداة قيام النظام الجديد، حيث سارع الشيخ طريف من موقعه في الدولة العبرية، إلى إرسال الوفود إلى السويداء، ودعوة بعض الوجهاء وعلماء الدين لزيارة الأراضي المحتلة، وصولاً إلى تنظيم الزيارات الشعبية الحاشدة لمقام النبي شعيب، وإظهارها وكأنها خطوات «لتطبيع العلاقات» مع طائفة الموحدين الدروز في سوريا.
وجاء إعداد التسجيل المفبرك المسيء لخاتم الأنبياء محمد رسول الله، ليشعل نيران الفتنة مباشرة، بعدما فشلت كل المحاولات الأخرى، لإخراج أهالي السويداء والمناطق الدرزية من هويتهم الوطنية السورية، وإبعادهم عن إنتمائهم القومي العربي، بهدف إلحاقهم بالمرجعية الدرزية في الدولة العبرية.
من الواضح أن التصدي لمخطط الفتنة بالوعي والحكمة كان غائباً، في ظل الإنفعالات الفورية والمتفلِّتة من الضوابط الأمنية، قد فاقم أجواء التحدي والتوتر، وأدّى إلى إنفجار الوضع على النحو المأساوي الذي شاهدناه في الأيام الأخيرة.
الواقع أن إحباط مخطط الفتنة الإسرائيلية لا يتم بتحميل طائفة بكاملها وزر عميل إنخرط في مؤامرات العدو لزرع بذور الإنشقاق عن الوحدة الوطنية السورية، خاصة وأن رجال الدين والفقهاء إستنكروا مضمون التسجيل الفتنوي، وأكدوا إنتماء مذهب الموحدين الدروز إلى الدين الحنيف، الذي حمل رسالته النبي محمد إلى العالمين.
وجاء التحرك السريع لشيخ عقل الطائفة الدرزية في لبنان الدكتور سامي أبو المنى ليطوِّق بعض الإنتهازيين والمصطادين في مياه الفتنة العكرة في لبنان، حيث أكد من جديد على الثوابت الإيمانية والوطنية لطائفة الموحدين، وفي مقدمتها تمسكهم بالهوية العربية، وبالدين الإسلامي، داعياً إلى التعقل والحكمة والإبتعاد عن ردود الفعل العشوائية، التي تزيد نار الفتنة إشتعالاً، وتساهم، ولو بشكل غير مباشر، في تحقيق أهداف العدو الخبيثة، الذي إستغل أحداث جرمانا وشن غارات جوية على قوات النظام، بحجة الدفاع عن دروز المنطقة.
وأخيراً لا بد من الأخذ بعين الإعتبار أن الفتنة لا تقف عند حدود جرمانا بقدر ما تستهدف وحدة سوريا، ورسم خريطة جديدة للشرق الأوسط.
صحيفة اللواء