تقارير خاصة

بين سوروكا وغزة: ازدواجية المعايير كُشفت، فكيف تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي؟!

إعداد: أمل الزهران.

خاص: شبكة الفجر.

في تطورٍ ميداني يعكس تحولاً نوعياً في مجريات الصراع بين إيران والكيان الإسرائيلي، شهدت مدينة بئر السبع جنوبي الأراضي المحتلة، صباح الخميس، لحظة فارقة فبحسب وسائل إعلام عبرية تعرض مستشفى "سوروكا" لقصف صاروخي بشكل مباشر، ما تسبب في خروجه الكامل عن الخدمة، وتدمير واسع طال أقساما متعددة داخله.

وأظهرت مقاطع الفيديو المتداولة لحظة الانفجار وما تبعه من فوضى في أروقة المستشفى، حيث أُجلي المرضى والطاقم الطبي وسط حالة من الذعر. كل ذلك بحسب رواية الكيان الإسرائيلي، فمنذ لحظة انتشار الخبر والمعلومات متضاربة ما بين تعرض لقصف مباشر وبين تعرض لأضرار. فالتكتم الإعلامي لهذا الحدث كان واضحاً منذ اللحظة الأولى.

تضاربت الأنباء حول طبيعة الهجوم، ففي حين قالت القناة 12 العبرية إن المستشفى تلقى ضربة مباشرة تسببت في "خروجه عن الخدمة مؤقتًا"، ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" أن الضربة استهدفت موقعاً عسكرياً حساساً بجوار المستشفى، وتحديداً مقر قيادة الاتصالات وشعبة الاستخبارات العسكرية، وأن ما لحق بالمستشفى كان أضراراً جانبية ناجمة عن صدمة الانفجار.

سرعان ما تحوّل الحدث إلى وسم متداول بشكل واسع على منصات مواقع التواصل الاجتماعي. انتشرت مقاطع فيديو توثق لحظة القصف على نطاق واسع حيث أظهرت مشاهد من داخل المستشفى لحظات من الهلع والفوضى. المستخدمون تفاعلوا بكثافة مع الحدث، وبرزت التعليقات ما بين الحادة والساخرة، حيث استعادوا ذاكرة قصف المستشفيات في غزة خلال الحرب الصهيونية المستمرة منذ أكتوبر 2023، والتي دمر فيها الاحتلال أكثر من 30 مجمع طبي.

غالبية التفاعلات ركزت على ما وُصف بـ "تناقض المعايير الأخلاقية والإعلامية" في التعاطي مع استهداف مستشفى سوروكا، والتعامل مع تدمير مستشفيات الشفاء والمعمداني وكمال عدوان في غزة.

ما حدث على مواقع التواصل يعكس تفاعل روادها حجم التحول في مواقف الرأي العام، حيث بات الجمهور العالمي أكثر وعياً وتوثيقاً للانتهاكات، وأسرع قدرة على المقارنة وتحليل خلفيات الروايات الإعلامية الرسمية.

المشهد بدا متناقضاً في نظر الكثير من المتابعين، فبينما تدين تل أبيب استهداف منشأة طبية، كانت طائراتها الحربية قد دمرت على مدار الأشهر الماضية أكثر من 30 مستشفى في قطاع غزة. واعتبرت منظمات حقوقية تلك الهجمات جرائم حرب بحق المدنيين والكوادر الطبية، دون أن تُقابل بردع دولي فعّال.

الحدث يسلّط الضوء على "ازدواجية المعايير" في التعاطي مع استهداف المنشآت الطبية. ففي الوقت الذي يحاول فيه الكيان الاسرائيلي تصوير قصف مستشفى سوروكا كجريمة إنسانية تستوجب إدانة دولية، يرى كثيرون أن ذلك يأتي في سياق محاولاتها استعطاف الغرب.

فإن الكيان تجاهل تماماً الاتهامات التي وُجهت إليها من منظمات حقوقية ودولية حول استهدافها المتعمّد لعشرات المستشفيات في غزة، وحرمان مئات الآلاف من المدنيين من العلاج، ومنع إدخال المستلزمات الطبية، ما أدى إلى انهيار كامل في القطاع الصحي المحاصر منذ سنوات.

وهنا تتجلّى المفارقة: مستشفى واحد يُصاب في بئر السبع ويُعلن كحدث عالمي يستوجب الإدانة، في حين يُقصف قطاع صحي بأكمله في غزة على مدار شهور دون محاسبة أو حتى تغطية دولية جدّية.

يبقى ما حدث في بئر السبع تطوراً ميدانياً لافتاً في سياق الحرب المفتوحة بين طهران وتل أبيب، لكن وقعه الأشد كان على المستوى الرمزي، إذ أثار عاصفة من التساؤلات الأخلاقية حول مفهوم الحماية الإنسانية في النزاعات، ومتى يُصنَّف استهداف المراكز الصحية جريمة حرب... ومتى يُبرَّر بصمت دولي مدوٍّ.

 

 


بين سوروكا وغزة: ازدواجية المعايير كُشفت، فكيف تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي؟!