إعداد: أمل
الزهران.
خاص: شبكة الفجر.
من
تونس... وفي مشهد يعكس التضامن الشعبي العربي مع القضية الفلسطينية، انطلقت صباح
الأحد قافلة "الصمود" باتجاه قطاع غزة، في محاولة لكسر الحصار الذي
يعيشه سكان القطاع منذ أكثر من ثمانية أشهر بسبب العدوان الصهيوني المتواصل. في خطوة وُصفت بالتاريخية،
يعتبر هذا التحرك الأول من نوعه بكل مقاييسه الرمزية الشعبية والإنسانية، يجمع
ناشطين من خمس دول مغاربية، في مقدمتها تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا وليبيا.
تتكون
القافلة من أكثر من 1500 مشارك، يستقلون نحو 12 حافلة وأكثر من 100 سيارة خاصة،
وتضم وفوداً من مختلف الفئات الاجتماعية، من ناشطين حقوقيين، أطباء، نقابيين،
برلمانيين، ومحامين، إضافة إلى شباب ونساء وأكاديميين. ويُشرف على تنسيقها "تنسيقية
العمل المشترك من أجل فلسطين" بدعم من اتحاد الشغل التونسي والهلال الأحمر
وعمادة الأطباء.
وتتحرك
القافلة عبر مسار يمتد من تونس إلى ليبيا، مرورًا بمدن الزاوية وطرابلس ومصراتة
وسرت وبنغازي وطبرق، وصولًا إلى معبر السلوم المصري في 12 يونيو، حيث تأمل في
العبور إلى الأراضي المصرية، قبل التوجه إلى معبر رفح الحدودي مع غزة يوم 15 يونيو.
القافلة
تُعرَف بأنها قافلة رمزية تحمل رسالة تضامن ودعوة عالمية لفك الحصار، في وقت تتعرض
فيه غزة لحرب إبادة إسرائيلية مستمرة منذ أكثر من ثمانية أشهر، أوقعت عشرات آلاف
الشهداء والجرحى، وسط صمتٍ دولي لا مبرر له.
من
حيث الرمزية، تشكّل "قافلة الصمود" تجسيدًا للتضامن الشعبي العربي، حيث
تسعى الشعوب إلى كسر العزلة الدولية عن غزة، في ظل فشل أو تواطؤ الأنظمة الرسمية. فالحضور
الشعبي الكثيف من شباب وأكاديميين إلى نشطاء مخضرمين يؤكد أن القضية الفلسطينية ما
زالت حية في وجدان الشعوب، رغم محاولات التطبيع الإقليمي.
أما
من الناحية السياسية، فإن القافلة تفرض نفسها كأداة ضغط على للحكومات العربية
والمجتمع الدولي، للسماح بمرور القوافل
وكسر الحصار. القافلة أيضًا تأتي متزامنة
مع تحركات ناشطين دوليين مماثلة، أبرزها سفينة "مادلين" التي تعرضت
للاختطاف من قبل قوات الاحتلال فجر الاثنين، وهو ما يعزز صورة التضامن الشعبي
العابر للحدود، ويكشف في الوقت نفسه عن إصرار الاحتلال على عزل غزة عن محيطها.
من
أبرز مشاهد القافلة حتى الآن، التفاعل الشعبي الكبير الذي لقيته في محطاتها
التونسية من سوسة إلى قابس إلى مدنين، حيث استُقبلت بالترحاب والتكريم الشعبي، قبل
أن تعبر إلى ليبيا وسط حفاوة بالغة في مدينة الزاوية.
وقد
التحق بها وفد جزائري مكوّن من أكثر من 200 مشارك، بينهم برلمانيون وقيادات مدنية،
ضمن المبادرة الجزائرية لنصرة فلسطين.
رغم
طابعها الرمزي، فإن "قافلة الصمود" ليست مجرّد تحرك شعبي عابر، بل تمثل
تحولاً في أساليب دعم القضية الفلسطينية، من التظاهر التقليدي إلى التحرك الميداني
الإقليمي المنظم. وما تحمله من معانٍ ورسائل سياسية كفيل بتحريك الرأي العام، وفضح
ازدواجية المعايير الغربية، وكسر جدار الصمت المحيط بالكارثة الإنسانية في غزة.
هي
قافلة رمزية، نعم، لكنها تحمل في طياتها الكثير من المعاني... الصمود، والتحدي،
والتضامن مع شعبٍ ما يزال يواجه أعنف آلة عسكرية...